واللهُ جل وعلا
قسَّمَ المُؤمنينَ إلى ثَلاثةِ أقْسامٍ:
الأوَّلُ: ظالِمٌ لنَفْسِه:
وهوَ الَّذي يَقَعُ في المعاصي دُونَ الشِّركِ، فهذا تَحتَ مَشيئَةِ اللهِ إن
شَاءَ غَفرَ له، وإن شاءَ عَذَّبَه، ولكنْ هو منْ أهْلِ الجنَّةِ، ولو عُذِّبَ
فإنَّ مآلَه إلى الجنَّةِ.
والثَّاني - وهوَ المَقصودُ
بهذا الحديثِ -: المُقتَصِدُ الَّذي اقتَصرَ على الفَرائِضِ، ولم يأتِ
بالنَّوافِلِ، وتَركَ المُحرَّماتِ، واكتَفى بالمُباحاتِ.
الثَّالثُ: السَّابقُ
بالخَيراتِ، وهو الَّذي أدَّى الواجباتِ والفرائِضَ والنَّوافلَ، وتَجنَّبَ
المُحرَّماتِ والمَكروهاتِ وبعضَ المباحات احتِياطًا، فهذا في أعْلَى دَرجاتِ
المُؤمنينَ، قال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ [فاطر: 32].
فالمُؤمنونَ لا يَخرجون عَن هذه الأقْسامِ الثَّلاثةِ، وكُلُّهُم في الجنَّةِ، قال تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أْسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [فاطر: 33]، حتَّى الظَّالمُ لنَفْسِه في الجنَّةِ، ما دامَ ليس عندَه شِركٌ ولا كُفرٌ، وغايةُ ما هُنالِك أنَّه عندَه مَعاصٍ وكبائرُ دونَ الشِّركِ، فهذا مِن أهلِ الجنَّةِ، إمَّا أنْ يَدْخُلَها بعَفْوِ اللهِ ومَغفرتِه، وإمَّا أنْ يُعذَّبَ في النَّارِ بقَدْرِ ما يُطهِّرُه من ذُنوبِه، ثمَّ يَدخُلُ الجنَّةَ.
الصفحة 2 / 276