عن طاعة الله عز وجل، وإنما ينفعون أنفسهم إذا عملوا بطاعة الله، فالضرر والنفع عائد إليهم، فأين العقول؟! وأين التفكير؟! لكن قد تطمس هذه العقول فلا ينتفع بها أصحابها:﴿لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ﴾[الأعراف: 179] يعني: لا يفقهون فقهًا ينفعهم، ولا ينظرون نظرًا ينفعهم، ولا يسمعون سمعًا ينفعهم، وإن كانوا يسمعون وينظرون مثل البهائم، تنظر ولكن لا تدري، فقد تذهب إلى ما فيه هلاكها؛ لأنها لا تدري، كذلك الإنسان الذي لم ينفع بعقله وسمعه وبصره، هذا أضل من البهائم؛ لأن البهائم لم تُكَلَّف، وليس عليها حساب، والإنسان مكلَّف وعليه حساب، وينتظره ثواب أو عقاب:﴿أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ﴾وكما أن الله يدعو إلى الجنة، فالشيطان وأولياؤه يدعون إلى النار، قال الله سبحانه وتعالى:﴿إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾[فاطر: 6]، ففرقٌ بين دعوة الله ودعوة الشيطان وأعوانه، وشياطينهم يدعون إلى النار، ليس معناه أنهم يقولون للناس: تعالوا إلى النار، لو قالوا هذا ما جاءهم أحد، ولكن يدعون الناس إلى الشهوات والمستلذات المحرمة، ويزينون لهم القبيح بصورة الشيء الحسن، ويغررون بهم ويخدعونهم، ويزيفون لهم، ويظهرون لهم بمظهر الناصحين والمشفقين والأحباب، وهم في الحقيقة أعداؤهم الألداء، فأنت بين دعوتين؛ بين دعوة الله سبحانه وتعالى إلى الجنة، وبين دعوة الشيطان وحزبه إلى النار، فانظرْ مَن تجيب، وهذا شيء واضح؛ إن كنت على الطاعة والاستقامة ومحبة الخير، محافظًا على الفرائض، مجتهدًا فيما تيسر من النوافل، فأنت قد أجبت دعوة الله سبحانه وتعالى؛ وإن كنت على العكس؛ مصاحبًا للمعاصي والسيئات، مضيعًا للواجبات،