المجلس السابع والعشرون
في فضل ليلة القدر
****
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه،
وبعد:
فليلة القدر ليلة عظيمة، عظَّم الله شأنها في كتابه الكريم، ووصفها بأوصاف
عظيمة، فهي ليلة القدر، والقدر معناه: المكانة والمنزلة، أو: الليلة التي تقدر
فيها الآجال والأعمار والأقدار التي تجري في السنة؛ لقوله تعالى:﴿فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ
أَمۡرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]. وعلى كل حال فهي ليلة عظيمة، وقد وصفها
الله بأنها خير من ألف شهر؛ أي: العبادة فيها أفضل من العبادة في ألف شهر ليس فيها
ليلة القدر، فما ظنكم بليلة تعادل ألف شهر؟ يفنيها الإنسان في طاعة الله سبحانه
وتعالى، وذلك أن الله إذا وفق هذا المسلم وصادف ليلة القدر، واجتهد بالقيام
والصلاة والعبادة فيها، فإن الله يكتب له أجر قيام ألف شهر زيادة في حسناته.
وهذه الليلة في رمضان بلا شك؛ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه أنزل فيها القرآن، والقرآن أُنزل في شهر رمضان، كما قال تعالى:﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾ [البقرة: 185] بمعنى: أنه بدئ فيه نزول القرآن، ثم توالى بعد ذلك ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، حسب الوقائع والحوادث، إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أكمل الله به الدين، وتكامل نزول القرآن الكريم. فبداية تنزيل القرآن على هذا الرسول في هذه الليلة الشريفة، ولعظمة القرآن ومنزلة القرآن، عظَّم الله هذه الليلة التي ابتدأ نزوله على رسوله فيها.
الصفحة 1 / 128