المجلس الثاني عشر
في التحذير من النار
*****
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
ذَكَر الله أوصاف جهنم - والعياذ بالله - وهي الدار التي أعدها الله
لأعدائه من الكافرين والمنافقين والعصاة والفسقة، فهي دار الخبيثين، وقد أعدَّ
الله فيها من أنواع العذاب ما لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى، وذكر أنواعًا منه في
القرآن وفي السنة، فالنار دركات بعضها أسفل من بعض، أمَّا الجنة فإنها درجات بعضها
فوق بعض، فدركات النار تكون منازل لأهلها بحسب أعمالهم، فبعضهم أشد عذابًا من بعض،
فالمنافقون هم:﴿فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ
مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا﴾[النساء: 145].
والمنافقون: هم الذين أظهروا الإسلام خداعًا ومكرًا، وقلوبهم كافرة منكرة؛ منكرة للرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به، ولكنهم تظاهروا بالإسلام من أجل مصالحهم، وهم أشد عذابًا من الكفار الذين صرحوا بكفرهم وعداوتهم؛ لأن الكفار صرحوا بكفرهم وعرفهم المسلمون، فأعدوا العدة للوقاية من شرهم، أما المنافقون فإنهم أظهروا الإسلام:﴿يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ﴾[البقرة: 9]، لكن المؤمنون يحسنون الظن بهم، ولا يتحفظون منهم، وهم جواسيس للكفار واليهود، يدلون الكفار على عورات المسلمين، ودائمًا يفرحون بانتصار الكفر وظهور الكافرين، ودائمًا يغتاظون من ظهور الإسلام وعز الإسلام، هذه من صفات المنافقين، فلهذا كانوا في الدرك الأسفل من النار، وبقية الكفرة فوقهم.
الصفحة 1 / 128