والنار لها عدة أسماء: النار، وجهنم، والسعير، وسقر، والجحيم، والهاوية، وغير ذلك من أسمائها، مما يدل على أنها دركات كثيرة، وأن أهلها متفاوتون في تعذيبهم فيها، ومنازلهم منها، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ» ([1])، وفي رواية: «يَلبسُ نَعْلَيْنِ مِن نَارٍ يَغْلِي منهما دِمَاغُه، مَا يَرى أنَّ أَحَدًا أَشَد عَذَابًا مِنْه؛ مَعَ أَنَّهُ أَهْونُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا» ([2])، هذا أخفهم عذابًا، فكيف بأشدهم عذابًا -والعياذ بالله- ؟ شرابهم المهْل، وهو: الماء الحار، والذي لا يُطاق، أو الصديد، وهو: ما يسيل من أجسام أهل النار، وطعامهم الزَّقُّوم، الذي ينبت في النار:﴿إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ ٤٣طَعَامُ ٱلۡأَثِيمِ ٤٤﴾[الدخان: 43- 44]، وفي الآية الأخرى:﴿إِنَّهَا شَجَرَةٞ تَخۡرُجُ فِيٓ أَصۡلِ ٱلۡجَحِيمِ ٦٤طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ ٦٥فَإِنَّهُمۡ لَأٓكِلُونَ مِنۡهَا فَمَالُِٔونَ مِنۡهَا ٱلۡبُطُونَ ٦٦ثُمَّ إِنَّ لَهُمۡ عَلَيۡهَا لَشَوۡبٗا مِّنۡ حَمِيمٖ ٦٧ثُمَّ إِنَّ مَرۡجِعَهُمۡ لَإِلَى ٱلۡجَحِيمِ ٦٨﴾[الصافات: 64- 68]، فشرابهم -والعياذ بالله- أقبح الشراب وأحره، وأشد حرارة، يشوي الوجوه، إذا أقبل على وجه الشارب انسلخَ وجهه وسقطتْ جلدة وجه من شدة حره، وطعامهم الزقوم والضريع، لا يُسْمِن ولا يُغْنِي من جوع، فهم دائمًا في جوعٍ؛ يأكلون ولكن لا يذهب عنهم الجوع، ويشربون ولا يذهب عنهم الظمأ، كلما شربوا زاد عطشهم:﴿وَأَصۡحَٰبُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلشِّمَالِ ٤١فِي سَمُومٖ وَحَمِيمٖ ٤٢وَظِلّٖ مِّن يَحۡمُومٖ ٤٣لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ ٤٤إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ مُتۡرَفِينَ ٤٥وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ ٤٦﴾[الواقعة: 41- 46] على الشرك.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6561)، ومسلم رقم (213).