المجلس السادس عشر
في فضل عمارة المساجد
****
الحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعين.
قال الله سبحانه وتعالى:﴿إِنَّمَا
يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ
فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [التوبة: 18]،
المساجد هي بيوت الله، أضافها الله إلى نفسه في قوله تعالى:﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن
مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي
خَرَابِهَآۚ﴾[البقرة: 114]، وإضافتها إليه إضافة تشريف وتكريم، فهي
أشرف البقاع، وأحب البقاع إلى الله سبحانه وتعالى.
وعمارتها على نوعين: بالطين ومواد البناء، وهذه العمارة وسيلة وليست غاية،
وإنما هي وسيلة.
والعمارة الثانية: وهي الغاية، عمارتها بالطاعة وذكر الله عز وجل، ولهذا قال جل وعلا:﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ﴾[التوبة: 18]، فحصر عمارتها على هذا النوع من الأعمال؛ لأنه هو الغاية وهو المقصود، فليس المقصود من بناء المساجد المفاخرة والمباهاة والفن المعماري، كما يقولون، أو الفن الإسلامي، كل هذه أمور لا قيمة لها ولا اعتبار لها، ومن كان هذا قصده فإنه ليس من عمَّار المساجد، أما من بناها وأنفق عليها ابتغاء وجه الله، ولأجل أن تكون عونًا للمسلمين ومأوى للمسلمين لأداء العبادات، فهي قصدٌ حسن وعمل صالح
الصفحة 1 / 128