المجلس الثالث عشر
في التحذير من مكر الشيطان ببني آدم
****
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
قال تعالى:﴿۞أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ﴾ [يس: 60]، هذا فيه بيان عداوة إبليس لآدم وذريته وذلك من قديم، من حين خلق الله آدم أبا البشرية وفضَّله، وأمر الملائكة بالسجود له؛ فحسده إبليس على هذه المنزلة العظيمة، وهذا التكريم من الله سبحانه وتعالى، وقال:﴿أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ﴾ [ص: 76]، اعترض على الله سبحانه وتعالى وعصى أمر الله، فكانت النتيجة أنْ لعنه الله وطرده وأبعده من رحمته، وأهبطه من منزلته التي كان فيها، فتعهد الخبيثُ وطلب من الله الإمهال:﴿قَالَ أَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ﴾ [الأعراف: 14]، فأمهله الله إلى يوم الوقت المعلوم الذي أراده الله سبحانه وتعالى، فعند ذلك تعهد وأقسمَ على نفسه وأقسم بعزة الله، ليكيدنَّ لهذا المخلوق وذريته، وليحاولن إبعادهم عن ربهم، ويحاول أخذهم معه إلى النار، الله سبحانه وتعالى قال له:﴿إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ﴾ [الحجر: 42]، فالله سبحانه أخبر أنه سيتولَّى عباده المؤمنين، وأن يحميهم من الشيطان، وألا يجعل له سلطانًا عليهم، وإنما يتولى مَن اتبعه من الغاوين، وهذه حكمة من الله سبحانه وتعالى، يبتلي عباده، وإلا فهو جل وعلا قادر على أن يهلك الشيطان ويهلك جنوده في لحظه واحدة، ولكنه أراد أن يبتلي عباده ويمتحنهم؛ ليتميز الطيب من الخبيث، ويتميز المؤمن من الكافر ومن المنافق.
الصفحة 1 / 128