فهذا من باب الاختبار والامتحان، وهو حكمة من الله سبحانه وتعالى، ففي خلق إبليس وفي إيجاده وفي إغوائه حكمة عظيمة؛ إذ لولاه لم يتميز المؤمن من الكافر، ولم يتميز الطيب من الخبيث، ولم يحصل الولاء والبراء، ولم يحصل الجهاد في سبيل الله؛ ففي وجوده مصالح، وإن كان فيه مضرة على من اتبعه، ولكن في ذلك مصالح عظيمة للمؤمنين الصادقين، فهو تعهد في أن يبذل وسعه وأن يعمل جهده في إغواء بني آدم، وفي زعمه أنه سيغوي أكثرهم، قال:﴿وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ﴾ [الأعراف: 17] ولكن الله سبحانه منَّ على عباده المؤمنين بحفظه ورعايته من عدوهم، فمن تولى الله جل وعلا، وأقبل على الله، والتجأ إلى الله، حماه الله عز وجل، ومن أطاع الرسل، وآمن بالكتب، واتبع ما أنزل الله، حماه الله من الشيطان، ولم يجعل له إليه طريقًا:﴿إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ﴾ [الحجر: 42] والحمد لله أن الله سبحانه يتولى عباده المؤمنين وتولى حفظهم ونصرهم وحمايتهم، ولكن هذا يوجب على المؤمن الخوف العظيم، والحذر من هذا العدو الدود، الذي له جنود كثيرة من شياطين الإنس والجن، يبثهم وينشرهم لتضليل الناس، وإغواء الناس، وإغراء الناس بالشهوات والشبهات، والكفر والإلحاد، فهذا يوجب الحذر من العدو، وأنَّ الإنسان دائمًا يلجأ إلى الله، ويتحصَّن بالله، ويستعيذ بالله، ويلازم طاعة الله سبحانه وتعالى، ويبتعد عن معاصيه، فإنه إذا فعل شيئًا من المعاصي فقد استجاب للشيطان، وإذا ترك المعاصي وعمل بالطاعات، فإنه يكون قد سَلِم من الشيطان، وأعاذه الله من الشيطان.