المجلس الثاني والعشرون
في مدح المستقيمين على طاعة الله من الأمم السابقة
بتلاوة الكتاب والصلاة
****
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
يقول الله سبحانه وتعالى:﴿۞لَيۡسُواْ
سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ
ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ ١١٣يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ
وَأُوْلَٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١١٤وَمَا يَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلَن يُكۡفَرُوهُۗ
وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ ١١٥﴾[آل عمران: 113- 115].
في هذه الآيات، لما ذكر الله سبحانه وتعالى ذم أهل الكتاب من اليهود
والنصارى الذين كفروا بعيسى، والذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وهم اليهود
والنصارى، استثنى منهم طائفة مؤمنة لم تعمل عملهم؛ بل آمنوا بكل الرسل وبخاتمهم
محمد صلى الله عليه وسلم من أتباع الرسل السابقين، ومن أخبار اليهود والنصارى، مثل
النجاشي رحمه الله، ومثل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، ومثل سلمان الفارسي رضي
الله عنه، وأناس كانوا على دين عيسى عليه الصلاة والسلام؛ الدين الصحيح من التوحيد
والعبادة، مخلصين العبادة لله عز وجل، فلما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به
واتبعوه.
فهؤلاء أثنى الله عليهم واستثناهم ومدحهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى حكم عدل، لا يضيع لديه أجر عامل، وأكرم الناس عنده أتقاهم له، أيًّا كان جنسه ونوعه:﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 13] ووعدهم أن يعطيهم أجرين: أجر الإيمان بعيسى عليه السلام، وأجر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم،
الصفحة 1 / 128