المجلس العاشر
في التحذير من خطوات الشيطان
****
الحمد لله على فضله وإحسانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه، وبعد:
قال الله تعالى:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ﴾ [النور: 21]، ينادي
عباده المؤمنين فيأمرهم وينهاهم؛ يأمرهم بما يدخلهم الجنة وينهاهم عمَّا يدخلهم
النار، وكلُّ ما أمر الله تعالى به فإنه سبب لدخول الجنة، وكل ما نهى عنه فإنه سبب
لدخول النار، فالله يدعوهم مع أنه غنيٌّ عن عباده، لا يدعوهم لمصلحته ولا لحاجته،
بل هو الغني سبحانه، ولو كفروا كلهم ما نقصَ ذلك من ملكه شيئًا، ولو آمنوا كلهم ما
زاد ذلك في ملكه شيئًا، فملكه تامٌّ من دونهم، ولكن هم الذين يحتاجون إلى الإيمان،
ويحتاجون إلى العمل الصالح، وهم الذين يتضررون بالكفر والشرك والمعاصي، فهو يدعوهم
لمصلحتهم، ويأمرهم لمصلحتهم هم، وينهاهم عما يضرهم، وهذا من رحمته سبحانه وتعالى،
وهذا أعظم الفضل؛ أن الله يدعوك وهو غنيٌّ عنك، وأنت تعرض عنه وأنت محتاج إليه،
وتبتعد عن الله وأنت لا تستغني عنه طرفة عين، هذا من العجائب! ومن ضياع الرأي،
وفساد التفكير، وخراب العقول.
ولو أن العقول سليمة وصحيحة لأدركت الحكمة في أوامر الله ونواهيه، وأنها راجعة لمصلحتها، فإن امتثلوها حصلوا على المصلحة العاجلة والآجلة، وإنْ ضيعوها حصلوا على المضرة العاجلة والآجلة، فهم إنما يهلكون أنفسهم ويضيعون أنفسهم إذا هم أعرضوا
الصفحة 1 / 128