×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

 المجلس الرابع

 في حفظ الصيام من المؤثرات

****

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

فإن الصيام يعود المسلم على الأخلاق الطيبة، ويسهل عليه فعل الطاعات وتجنب المحرمات والمكروهات، ويعوده الإحسان إلى المحتاجين، ويلين قلبه لذكر الله، ففوائد الصيام عظيمة وكثيرة، وهي فوائد ظاهرة يعرفها الناس، فيظهر على الصائم من الخوف والخشية والانكسار والقرب من الخير ما لا يظهر على غيره من المفطرين. ولكن ينبغي أن يعلم أن الصيام لا يأتي بهذه الفوائد، وهذه الصفات الحميدة، إلا إذا صانه صاحبه عما يخل به، فإنه بمنزلة اللباس إذا صانه صاحبه وحافظ عليه ستره ووقاه من الحر والبرد، وأصبح لباسًا ضافيًا على جسمه، وجمَّل صورته وهيئته، وإذا لم يحافظ عليه تعرض للحروق والشقوق، وتعرض للأوساخ، فأصبح لباسًا غير مفيد، وأصبح لباسًا مخرقًا مشققًا متسخًا، لا يجمل صاحبه، ولا يقيه من حر ولا من برد، ولا يستر عورته، كذلك الصيام إذا لم يصنه صاحبه عما يخرقه ويدنسه، فإنه لا يفيد صاحبه إلا التعب والجوع والعطش، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ» ([1])، لماذا؟ لأنه لم يصن صيامه عما يجب صونه عنه وحفظه منه، فالصائم الذي يطلق لسانه في الكلام -الكلام المحرَّم من غيبة


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (1690)، وأحمد رقم (8856)، والحاكم رقم (1571).