×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

 المجلس التاسع عشر

 في ذِكر شيءٍ من وصف الجنة

****

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

جاء في القرآن الكريم وصف الجنة وما فيها من النعيم والسرور والملذات والخلد، فالله عز وعلا ذكر أوصاف الجنة في القرآن الكريم، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم جملة من أوصافها أيضًا، ولكن ما لم يذكره الله ورسوله أعظم وأعظم، فإن عقول البشر لا تتحمل ما في الجنة ولا تحيط به، فلو تحدثت عنه لما تصورته، وإنما ذكر الله جل وعلا شيئًا من أوصافها له نظير في الدنيا يعرفونه، فما في الدنيا من الملذات والسرور والروائح الطيبة والمناظر الجميلة والأنهار والأشجار والثمار، وما فيها من المياه، وما فيها من المشارب، مما له نظير في الدنيا يعرفه الناس، فالله ذكر نظيره في الجنة؛ ذكر النخل، وذكر سبحانه الأعناب، وذكر الأنهار، وذكر كثيرًا مما له نظير في الدنيا مما يبتهج به الناس، ويتلذذون به، وذكر الريحان، وذكر المساكن الطيبة، والأزواج الطيبات، ونفى عن الجنة ما تتعرض له الأشياء التي في الدنيا من الزوال ومن التغير، فإن ملاذ الدنيا تتغير، وأشجارها تيبس، وأنهارها تنضب، وما في الدنيا يعني، لكن ما في الجنة لا يفنى ولا يزول أبدًا.

وذكر ما في الجنة من الشباب والقوة، ونفى ما يعرض لذلك في الدنيا من الهرم والمرض، وذكر ما في الجنة من الفرح والسرور، ونفى منه ما يعرض للفرح في الدنيا والسرور في الدنيا من الهموم والأحزان، ونفى عن الجنة الموت الذي يكون في الدنيا، فيأتي على أهلها فيفنون ويموتون، ويزول أثرهم في الدنيا.


الشرح