×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

والجنة ليس فيها مرض وليس فيها همٌّ، وليس فيها حزن، وليس فيها موت، وليس في الجنة مشاحة ولا مشاحنة بين أهلها، بل ينزع الله ما في صدروهم من غلٍّ، بعضهم على بعض، فيكونون إخوانًا على سررٍ متقابلين يأنس بعضهم ببعض ويفرح بعضهم ببعض، ويتآلفون، ليس فيها غل وليس فيها حقد، وليس فيها حسد، وليس فيها بغي ولا عدوان؛ خلاف الدنيا، فإنها مملوءة بالأنكاد والأحقاد، والبغي والعدوان بين الناس. أما أهل الجنة سالمون من ذلك:﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ [الحجر: 47]، وما أخفاه الله مما يكون في الجنة فإنه أعظم وأعظم؛ لأن عقول الشر لا تتحمله لو ذُكر لها ووصف لها، قال الله تعالى:﴿فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [السجدة: 17].

وهذه الجنة العظيمة وما فيها لا تُنال بالتمني، وإنما تنال برحمة الله عز وجل، وبسبب الأعمال الصالحة التي تقرب إليه، قال الله سبحانه وتعالى:﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ [النحل: 32].

والجنة فيها ظلال، وليس فيها شمس يجد الناس منها الحر، وليس فيها برد يجد الناس فيها الزمهرير:﴿لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا [الإنسَان: 13]، بل فيها ظل ممدود لا يزول، فهم في ظل وفي مكان لا يعلم وصفه إلا الله سبحانه وتعالى، والناس يفرحون في هذه الدنيا بالجو الطيب وبفصل الربيع، من أجل الجو، وينتقلون في الصيف من مكان إلى مكان؛ فرارًا من الحر، وطلبًا للجو المريح، وفي الشتاء يهربون من البرد إلى المكان الدافئ، فالدنيا دار نكد ودار نغص، وليس فيها شيء يصفو ويسلم.


الشرح