المجلس التاسع والعشرون
في ختام الأعمال
****
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
لا شك أنَّ ختام الأعمال له شأن عظيم، وكان السلف يهتمون بختام الأعمال،
وذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعملاً بقوله تعالى:﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ
ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ﴾[المؤمنون: 60]، وصف
الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأنه يؤتون ما آتوا من الأعمال الصالحة
والطاعات، والاجتهاد في العبادات، ويخافون من ربهم سبحانه وتعالى أشد الخوف؛ لأنهم
لا يدرون: هل تقبلت أعمالهم أو لا؟ فالإنسان لا يعجب بعمله مهما كان عمله، فإنه
إذا لم يقبله الله فإنه لا فائدة فيه، ولو كثر ولو عظم، ما دام لم يقبل، فإنه يكون
هباءً منثورًا، ويكون تعبًا بلا فائدة.
أمَّا إذا تقبله الله، فإنه ولو كان قليلاً، فإنه جل وعلا يضاعفه، ويؤتي من لدنه أجرًا عظيمًا، كما قال تعالى:﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾[النساء: 40]، لكن العمل سبب، وإلا فالمعول عليه القبول، فالذي من قبل العبد: بذل الأسباب، وأما ما كان من قبل الله سبحانه وتعالى، فهو أعلم سبحانه بنية العبد وإخلاصه، ولكن يثق المؤمن أن الله لا يضيع لديه أجر عامل مهما قلَّ، فعليه الإكثار من العمل، وعليه الإخلاص، وعليه بحسن الرجاء بالله عز وجل، وعدم اليأس والقنوط، لكن مع ذلك لا يعجب بعمله أو يتكاثر عمله؛ بل إنه يسأل الله القبول ويتبع العمل بالاستغفار؛
الصفحة 1 / 128