×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ[البقرة: 4] هؤلاء لهم أجران: أجر الإيمان بالنبي السابق، وأجر الإيمان بالنبي اللاحق؛ لأن هؤلاء ليس لهم هدف ولا هوى إلا إرضاء الله سبحانه وتعالى، ليس عندهم أهواء ونزعات ونزوات، مثل اليهود المنحرفين والنصارى الضالين، لا يتبعون إلا أهواءهم، وإنما هؤلاء المؤمنون قصدهم الحق، أينما وجدوه أخذوه، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم اتبعوه وآمنوا به؛ لأنه يصدق الكتب السابقة والرسل السابقين، ولأن الكتب والرسل السابقين بشروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخبروا ببعثته، فلما بعث اتبعوه وآمنوا به؛ لأنهم ليس لهم أهداف وليس لهم هوى إلا رضا الله سبحانه وتعالى، فهؤلاء استحقوا من الله المدح والثناء وعظيم الأجر.

والشاهد في قوله:﴿يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ[ال عمران: 113]، هذا فيه الحث على قيام الليل وتلاوة القرآن في رمضان وفي غيره، فإن الله مدح أهله وأثنى عليهم، ووعدهم بجزيل الأجر والثواب:﴿يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ[ال عمران: 114]؛ لأن العمل إذا لم يكن عن إيمانٍ وعن يقينٍ، فإنه لا ينفع صاحبه، فالعبرة ليست في صورة العمل، حتى ولو صلى الليل وصام النهار، والعبرة ليست بصورة العمل، العبرة بالنية والقصد والهدف، فهؤلاء ليس لهم هدف إلا طاعة الله سبحانه ورضاه ونيل كرامته، فمن كانت هذه صفته فإنه يدخل في هذا المدح وهذا الثناء.

ثم أيضًا لا يقتصر عملهم على أنفسهم، بل يتعدى إلى غيرهم، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؛ لأنهم يريدون للناس من الخير ما يريدونه لأنفسهم، والمنكر لا شك أنه شر، ينهون عنه،


الشرح