يتجنبونه بأنفسهم وينهون عنه إخوانهم؛ لأنهم يحبون لإخوانهم ما يحبون
لأنفسهم، فالمؤمن لا يقتصر على نفسه، وإنما ينفع إخوانه، فإذا رأى عليهم ضررًا
فإنه يحذرهم منه ويأمرهم بالمعروف، وهو طاعة الله سبحانه وتعالى؛ لأنَّ هذا الخير
المحض النافع في الدنيا والآخرة.
فمن صفات المؤمنين - سواء كانوا من الأمم السابقة أو من هذه الأمة، من أعظم
صفاتهم -: أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فالإنسان الذي لا يأمر بالمعروف
ولا ينهى عن المنكر - ولو كان صالحًا في نفسه - عنده نقص عظيم، وقد لا يكون عنده
إيمان، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى
مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ
الإِْيمَانِ» ([1]) وفي رواية: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِْيمَانِ
حَبَّةُ خَرْدَلٍ» ([2]).
فالذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر بحسب استطاعته، حتى ولو بقلبه، ليس في قلبه إيمان، فالمؤمن لا بد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب استطاعته ولو بقلبه، فإذا كان يستوي عنده الخير والشر، ويستوي عنده المؤمنون والكافرون، ويستوي عنده الأشرار والأخيار، ويقول: الناس أحرار، أنا ما عليَّ إلا من نفسي، هذا ليس بمؤمنٍ، ولا يغار لله عز وجل، ولا يريد الخير للناس، هذا ليس بمؤمن، أو ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (49).