×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

فالمقام لما كان مقام طلب السلامة، التي هي أهم عند الرجل، أتى في لفظها بصيغة اسم من أسماء الله، وهو السلام الذي يُطلب منه السلامة، وهو مقصود المسلم.

فقد تضمن «سلام عليكم» اسمًا من أسماء الله تعالى وطلب السلامة منه. فتأمل هذه الفائدة.

وحقيقته: البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب. وعلى هذا المعنى تدور تصاريفه:

فمِن ذلك قولك: «سَلَّمَك الله».

ومنه دعاء المؤمنين على الصراط: «اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ» ([1]).

ومنه: سَلِم الشيء لفلان، أي: خَلَص له وحده؛ كما قال عز وجل: ﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ [الزمر: 29]، أي: خالصًا له وحده، لا يملكه معه غيره.

ومنه: السّلْم ضد الحرب؛ لأن كل واحد من المتحاربين يَخْلُص ويَسْلَم من أذى الآخَر؛ ولهذا بُنِي فيه على المفاعلة، فيقال: المسالمة، مثل المشاركة. ومنه: القلب السليم، وهو النقي من الدَّغَل والعيب. وحقيقته: الذي قد سَلِم لله وحده، فخَلَص من دَغَل الشرك وغِله، ودَغَل الذنوب والمخالفات، بل هو المستقيم على صدق حبه وحُسْن معاملته، وهذا هو الذي ضَمِن له النجاة من عذابه والفوز بكرامته.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (806)، ومسلم رقم (182).