×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

باب قول: اللهم اغفر لي إن شئتَ

**********

قوله: «لاَ يقل أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ»، بخلاف العبد، فإنه قد يُعْطِي السائل مسألته لحاجته إليه، أو لخوفه أو رجائه، فيعطيه مسألته وهو كاره.

فاللائق بالسائل للمخلوق أن يُعَلِّق حصول مسألته على مشيئة المسئول؛ مخافة أن يعطيه وهو كاره.

بخلاف رب العالمين، فإنه يعطي عبده ما أراده بفضله وكرمه وإحسانه، فالأدب مع الله أن لا يُعَلِّق مسألته لربه بشيء؛ لسَعة فضله وإحسانه وجوده وكرمه.

وفي الحديث: «لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ»، وفي الحديث: «يمين الله ملأى، لا يَغضيها نفقة، سَحَّاءُ الليل والنهار...» ([1]) الحديث.

قوله: ولمسلم: «وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ»، أي: في سؤاله ربه حاجته؛ فإنه يعطي العظائم كرمًا وجودًا وإحسانًا. «فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ»، أي: ليس ما أعطى عبده مما سأله عظيمًا عنده؛ لكمال فضله وجوده.

وقد قال بعض الشعراء في مخلوق يمدحه:

وتَعْظُم في عين الصغير صغارها **** وتَصْغُر في عين العظيم العظائمُ

والله تعالى أحق بكل مدحة وثناء.

**********


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5980)، ومسلم رقم (5679).