قوله: «باب قول: اللهم اغفر لي إن
شئتَ»، أي: لا يجوز هذا اللفظ في حق الله سبحانه وتعالى؛ لأن الذي يدعو الله
تعالى يجب أن يعزم الدعاء ولا يعلقه بالمشيئة.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا القول، وقال: «لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ».
· وذلك لأمرين:
الأمر الأول: أن قوله: «اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ» يدل على أنه غير حريص على طلب المغفرة، وأنه سواء
عنده أن يَغفر الله له أو لا يَغفر له. وهل من أحد يستغني عن مغفرة الله عز وجل ؟!
وهذا مثل ما تقول لشخص: أعطني كذا إن شئتَ. يعني: أعطني، ولكنني لستُ بحاجة
ماسة إليه فإنني أستطيع الاستغناء عنه!!
وهذا يدل على فتور في الطلب، وأن العبد مستغنٍ، فإن حصلت له المغفرة
والرحمة، وإلا فهو ليس بحاجة إليها.
الأمر الثاني: أن قول: «اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ»، يقال لمن يعطي وهو كاره، فتقول: يا فلان أعطني كذا
إن شئتَ. يعني: إن كان لا يشق عليك هذا الشيء فأعطني إياه، وإلا فإنني أستطيع أن
أستغني عنه.
ذلك لأن المخلوق ضعيف، وقد يشق عليه هذا الشيء، أو يَكره أن يبذله. فأنت لا
تريد إكراهه، وإنما تخيره بين أن يفعل أو لا يفعل.
والله عز وجل ليس كذلك، الله سبحانه وتعالى يعطي ولا مُكْرِه له، والعبد
ينبغي عليه تنزيه الله عز وجل عن الإكراه، وهذا ينتفي بقوله: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ».