باب: مَن سب الدهر فقد آذى الله
**********
قوله:
باب مَن سب الدهر فقد آذى الله، وقول الله تعالى: ﴿وَقَالُواْ
مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا يُهۡلِكُنَآ
إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ﴾ الآية:
قال
العماد ابن كثير في تفسيره: «يخبر الله تعالى عن دهرية الكفار ومَن وافقهم من
مشركي العرب في إنكار المعاد، وقالوا: ﴿مَا هِيَ إِلَّا
حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا﴾ أي: ما ثَم إلا
هذه الدار، يموت قوم ويعيش آخرون، ولا ثَم معاد ولا قيامة!
وهذا
يقوله مشركو العرب المنكرون للمعاد، ويقوله الفلاسفة الإلهيون منهم، وهم ينكرون
البداءة والرجعة؛ ولهذا قال عنهم: ﴿وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا
ٱلدَّهۡرُۚ﴾. قال عز وجل: ﴿وَمَا
لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ﴾ [الجاثية: 24] أي: يتوهمون ويتخيلون».
**********
قال رحمه الله: «باب مَن سب
الدهر فقد آذى الله» هذا الباب ذكره المصنف رحمه الله في سياق الأشياء التي
تؤثر على عقيدة التوحيد، إما بالمنافاة وإما بالنقص، فمَسبة الدهر تنقص التوحيد؛
ولذلك عَقَد لها هذا الباب، وأورد فيه آية وحديثًا.
قوله: «مَن سَب الدهر» السب: معناه
التنقص. والدهر: المراد به الوقت والزمان.
أي: مَن ذَم الوقت والزمان فقد آذى الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى يَكره سب
الدهر؛ لأن مَسبة الدهر في الحقيقة مَسبة لله؛ لأن الدهر مجرد ظرف زمان مخلوق لله
سبحانه وتعالى، والذي يُجْرِي فيه ما يكرهه الناس ليس هو
الصفحة 1 / 427