الدهر، وإنما هو الله
سبحانه وتعالى، فهو الذي يُجْرِي هذه الأمور ويُقَدِّرها، وإنما الدهر وقت وزمان
لا يُذم ولا يتُنقَّص؛ لأنه لا تأثير له في حدوث الحوادث.
والدهر في حد ذاته نعمة من الله سبحانه وتعالى لمن استغله في طاعة الله
واستغله فيما ينفعه؛ ولهذا قال الله عز وجل: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ
١إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ
وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣﴾ [العصر: 1- 3]،
فالعصر الذي هو الزمان مجال للعمل، قال الله عز وجل: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي
جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ
أَرَادَ شُكُورٗا﴾ [الفرقان: 62]، والأعمال الصالحة إنما تُكتسب في هذا
الدهر.
فالوقت ثمين، وهو نعمة من الله سبحانه وتعالى، فمَن ضيعه فهو خاسر، ومَن
حفظه فإنه يكون رابحًا بإذن الله.
فذَمُّ الدهر لا يرجع إليه، وإنما يرجع إلى خالق الدهر، وهو الله سبحانه
وتعالى، والله عز وجل يتأذى بالأفعال القبيحة لأنه يكرهها، كما أنه يحب الأعمال
الطيبة ويرضاها، لكنه سبحانه لا يتضرر من أفعال العباد، قال عز وجل في الحديث
القدسي: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ
تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي» ([1]).
الله لا يتضرر كما أنه لا ينتفع بأعمال العباد، وإنما هم الذين يتضررون بها أو ينتفعون، فهو سبحانه لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2577).