×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

باب لا يُستشفَع بالله على خلقه

**********

 قوله: «لا يُستشفَع» الاستشفاع: طلبُ الشفاعة. والشفاعة: مأخوذة من الشفع، وهو ما كان أكثر من واحد، فالواحد يقال له: وتر، والاثنان يقال لهما: شفع. قال عز وجل: ﴿وَٱلشَّفۡعِ وَٱلۡوَتۡرِ [الفجر: 3].

فالشفع: هو ما كان أكثر من فرد. وأما الوتر: فهو الفرد. هذا في اللغة.

وأما في الاصطلاح: فالشفاعة: يراد بها الوساطة للمحتاج في قضاء حاجته عند مَن يملكها؛ لأن طالب الحاجة واحد، فإذا انضم إليه واسطة صار شفعًا بعد أن كان واحدًا؛ لذلك سُميت الشفاعة.

وبعضهم يقول: الشفاعة: هي طلب الخير للغير.

فقوله: «باب لا يُستشفع بالله على خلقه» أي: لا يجوز للعبد أن يَطلب من الله أن يَشفع له عند أحد من الخلق. لماذا؟ لأن الشافع أقل مرتبة من المشفوع عنده، فمَن استشفع بالله على أحد من خلقه فمعناه أنه جعل المخلوق أعظم من الخالق، وهذا تَنَقُّص لله سبحانه وتعالى.

فلا يجوز أن تقول: يا الله، أسألك أن تشفع لي عند فلان أن يعطيني كذا وكذا!! هذا يجوز بين المخلوقين، فتقول لمخلوق: اشفع لي عند فلان أن يقضي حاجتي، أو يُنهي معاملتي. هذا جائز بين المخلوقين، بل هو محمود وفيه أجر إذا كانت الشفاعة حسنة، قال عز وجل: ﴿مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ [النساء: 85]، وهذا بين المخلوقين بعضهم مع بعض.


الشرح