وأيضًا: لا أحد من خلق الله يستغني عن عطائه وكرمه، فدل على أن هذا القول فيه
تَنَقُّص لله عز وجل، وذلك يُخل بالتوحيد؛ ولذلك عَقَد المصنف هذا الباب في كتاب
التوحيد.
قال: «ولمسلم: «وَلْيُعَظِّمِ
الرَّغْبَةَ»»، يعني: تَطلب من الله بدون تحديد، ولا تستعظم المسألة مثل ما
تستعظمها من المخلوق، فتقول له: «أعطني
ألف ألف ريال»، فتستعظم هذا المبلغ، فتقول: «إن شئتَ» لأنك خِفْتَ أن يشق عليه هذا المليون.
أما الله عز وجل فإنك تطلب منه ما شئتَ قليلاً أو كثيرًا، اطلب الكثير ولا
تقتصر على القليل؛ لأنه سبحانه وتعالى غني حميد، «لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ».
ولهذا جاء في الحديث: «إِذَا
سَأَلْتُمُ اللهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ
وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ» ([1]).
فتطلب من الله أعلى المطالب؛ لأنه سبحانه غني كريم، يعطي بلا حد، ويَرزق
بغير حساب.
فلا تقل: «أنا لا أستحق هذا»، «أنا مقصر»، «أنا مذنب»، لا تقل هذا، واسأل الله من فضله، فليس الله مثل المخلوق تَطلب منه على استحياء وخجل، بل الله عز وجل يفرح بسؤال عبده له ودعائه إياه. أما المخلوق إن أعطاك فإنه يَكره هذا أو يشق عليه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7423).