ولهذا يقول الشاعر:
الله يَغضب إن تركتَ سؤاله **** وبُنَيُّ آدم حين يُسأل
يَغضبُ
المخلوق يغضب إذا سألته، وقد يعطيك مجاملة وهو كاره، فإذا كررت عليه فربما
يغضب عليك ولا يعطيك في المرة الثانية.
أما الله عز وجل فإنه كلما كررت عليه فإنه يفرح بذلك، ويحب عباده الملحين
في الدعاء والمكثرين من الدعاء.
فمَن زعم أن الله عز وجل يشق عليه شيء، أو أن شيئًا يَكْبُر عليه سبحانه
ولا يعطيه؛ فقد تَنَقَّصَ الله عز وجل، وهذا نقص في التوحيد.
أما إذا عَظَّمْتَ رغبتك في الله، واعتقدت أن الله عز وجل لا يَنقصه شيء،
وأنه جَوَاد كريم، وألححتَ عليه في الدعاء، وطلبت منه المطالب العالية الرفيعة؛
فإن ذلك مما يحبه الله عز وجل لكماله سبحانه وغناه وكرمه وإحسانه.
فهناك فرق بين الخالق والمخلوق، فما تستعمله مع المخلوق من
الحياء والخجل والتقاصر - لا تستعمله في حق الله سبحانه وتعالى، حتى لو كنت
مذنبًا، ولو كنت عاصيًا؛ فإن الله يغفر الذنوب جميعًا، قال عز وجل: ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ
أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ
يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [الزُّمَر: 53].
فكلما تبت إلى الله تاب عليك، ولو تكررت ذنوبك،
ولو عَظُمت خطاياك؛ ولهذا جاء في الحديث القدسي: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ
عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ