ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ
اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ
أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي
شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» ([1]).
فلو بلغت ذنوبك إلى السحاب، ثم استغفرت الله صادقًا؛ غفرها الله لك. بخلاف
المخلوق، فإنك إذا أخطأت في حقه، ثم تكرر منك الخطأ؛ فإنه لا يغفر لك في المرة
الثانية ولا يعفو عنك. والله عز وجل لا يقاس بخلقه.
قوله: «وفي الحديث: «إِنَّ يَمِينَ
اللَّهِ مَلأَْى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»»،
فلا تَنقص خزائن الله بالإنفاق أبدًا. بخلاف المخلوق، إذا أنفق فإنه ينقص ماله
وينقص ما عنده.
أما الله عز وجل فإنه يُعْطِي جميع الخلق، ولا يَنقص ذلك من خزائنه شيء؛
لأنه سبحانه غني الغِنى المطلق، قال عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ
خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [المنافقون: 7]، فإن أعطى
كل سائل مسألته على كثرة السائلين -الإنس، والجن، والأولين، والآخِرين - فإن هذا
لا ينقص من خزائن الله سبحانه وتعالى شيئًا. هذا يدل على غناه وكرمه وجوده سبحانه
وتعالى، فكل المخلوقات تعيش من رزق الله عز وجل، ولا يَنقص ما عنده سبحانه وتعالى.
قوله: «وقد قال بعض الشعراء في مخلوق
يمدحه:
وتَعْظُم في عين الصغير صغارها **** وتَصْغُر في عين العظيم العظائمُ»
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3540)، والدارمي رقم (2830)، وأحمد رقم (21368).