×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

فإن قيل: فتلك الأسباب التي تمناها من القدر أيضًا، قيل: هذا حق، ولكن هذا ينفع قبل وقوع القدر المكروه.

فإذا وقع، فلا سبيل إلى دفعه أو تخفيفه، بل وظيفته في هذه الحال أن يستقبل الفعل الذي يدفع به، أو يخفف،

*****

ما حصل، قالوا: ﴿لَّوۡ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ حَسۡرَةٗ فِي قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ [آل عمران: 156].

لم يكن قتلهم لأنهم لو بقوا عندكم سلموا من القتل، ولهذا رد الله سبحانه وتعالى عليهم، وقال: ﴿فَٱدۡرَءُواْ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ [آل عمران: 168]، وبقوله تعالى: ﴿قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ [آل عمران: 154]، فكلام المنافقين إنما هو من الشيطان، وهو -أيضًا- إنكار للقضاء والقدر، وإسناد الأمر إلى خروجهم للقتال، ولو أنهم ما خرجوا، سلموا، وهذا ليس بصحيح؛ فالموت يأتي، سواء خرجت أم لم تخرج، وليس باستطاعتكم أيضاً دفع الموت عن أنفسكم، فكيف تدفعونه عن غيركم؟!!

فإن قيل؛ أي: اعتراضًا على ما سبق، ولو أنه فعل ما يقوله، هذا من القدر؛ لأنه ليس هناك شيء إلا بالقضاء والقدر.

قيل: هذا الكلام حق؛ لأن كل ما يقع إنما هو بقضاء الله وقدره، لكن كان الواجب عليه أن يحتاط قبل وقوع المكروه: «وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ»، هذا قبل وقوع المحذور.

وظيفته هي فعل الأسباب فقط، وليست وظيفته تحصيل النتيجة؛ لأن هذه ليست عنده، بل عند الله عز وجل.


الشرح