وأفلسهم.
وأصل المعاصي
كلها العجز، فإن العبد يعجز عن أسباب الطاعات، وعن الأسباب التي تبعده عن المعاصي،
وتحول بينه وبينها.
فجمع صلى الله
عليه وسلم في هذا الحديث الشريف أصول الشر وفروعه، ومبادئه وغاياته، وموارده
ومصادره، وهو مشتمل على ثماني خصالٍ، كل خصلتين قرينتان، فقال: «أَعُوذُ بِكَ مِنَ
الهَمِّ وَالحَزَنِ»، وهما قرينان.
*****
وقوله: «خِمَاصًا»
أي: جائعة.
لو أن الطيور بقيت
في أوكارها وما خرجت، لماتت من الجوع، الطيور تفعل الأسباب؛ لأن الله سبحانه
وتعالى قد ألهمها ذلك؛ أن الرزق لن يأتي إليها وهي في أوكارها، وأنه لا بد لها من
أن تطير، وتبحث عن الرزق.
الذي يتمنى على الله
الأماني من غير أن يعمل شيئًا، كسلان لا يعمل شيئًا، ومع هذا يتمنى أنه يكون في
الجنة، وفي الدنيا يتمنى أن يكون له أموال وقصور بدون أن يكتسب، هذا لن يحصل له
مقصوده؛ لأنه عطل الأسباب، فلن يأتيه ما تمنى.
فالعاصي عاجز عن فعل
الطاعات، فإنه لا يقع في المعاصي إلا العجزة، الذين يغلب عليهم الكسل، وحب الراحة،
وحب الحياة، ولا ينجح - بإذن الله - إلا من فعل الأسباب.
الهَمِّ وَالحَزَنِ: الهم للمستقبل، والحزن على الذي فات، فهما قرينان.