×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

وليرده إليه، وليعزه بالتذلل له، وليغنيه بالافتقار إليه، وليجبره بالانكسار بين يديه، وليوليه بعزله أشرف الولايات، وليشهده حكمته في قدرته ورحمته في عزته، وأن منعه عطاء، وعقوبته تأديب، وتسليط أعدائه عليه سائق يسوقه إليه، والله أعلم حيث يجعل مواقع عطائه، وأعلم حيث يجعل رسالته.

*****

هذا هو الفرق ما بين أن الله عز وجل يحرم المؤمن من بعض مطالبه في الدنيا، ويعطي الكافر ما يريد، الكافر يعطيه الله سبحانه وتعالى ما يريد في الدنيا، وهذا ليس في صالحه، وإنما استدراج له وإمهال له؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ [آل عمران: 178].

وأما المؤمن، فقد يحجب الله عنه بعض مطالبه، ويكون ذلك خيرًا له؛ يرجع إلى الله، ويتوب إلى الله، يتوسل إليه بأسمائه وصفاته، فهذه عبادات جلبها الله سبحانه وتعالى له؛ لأنه لم يحصل على مطلوبه.

تأديب له.

الله جل وعلا حكيم يضع الأمور في مواضعها، وليس هذا من باب العبث، وإنما هو من باب الحكمة.

قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ قَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ [الأنعام: 124] أي: قال الكفار والمشركون: لماذا الأنبياء والرسل يعطون المعجزات؟ نحن لن نؤمن حتى يكون لنا مثلهم.

قال الله جل وعلا: ﴿ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا كَانُواْ يَمۡكُرُونَ[الأنعام: 124]؛ أي: أن الله سبحانه وتعالى لا يضع الرسالة إلا فيمن هو أهل لها، للقيام بها، والرسالة


الشرح