×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

فهو -سبحانه- أعلم بمحال التخصيص، فمن رده المنع إليه انقلب عطاءً، ومن شغله عطاؤه عنه انقلب منعًا، فهو سبحانه وتعالى أراد منا الاستقامة، واتخاذ السبيل إليه، وأخبرنا أن هذا المراد لا يقع حتي يريد من نفسه إعانتنا، ومشيئتنا له؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [التكوير: 29].

*****

لما جاء عبد الله بن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله عن دينه، وجاءه واحد من كبار المشركين، يريد -أيضًا- أن يسأله، الرسول كأنه كره مجيء الأعمى، ولم يلق له بالاً؛ ليتفرغ له، الله سبحانه وتعالى عاتبه على ذلك، قال تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ ٢ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوۡ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكۡرَىٰٓ ٤ أَمَّا مَنِ ٱسۡتَغۡنَىٰ ٥ فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ ٦ وَمَا عَلَيۡكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ ٧ وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسۡعَىٰ ٨ وَهُوَ يَخۡشَىٰ ٩ فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ [عبس: 1- 10]، فهذا عتاب من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، فما يحتقر المسلم، وإن كان فقيرًا، لا يحتقر أبدًا.

الله أمرنا بالاستقامة، واتخاذ السبيل إليه: ﴿وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ [المائدة: 35]، ونهانا عن الكسل والتمنيات.

أنت لك مشيئة، العبد له مشيئة؛ ردًّا على الجبرية، الذين يقولون بأن العبد ليس له مشيئة، الله عز وجل جعل للعبد مشيئة، لكنه ربطها بمشيئة الله سبحانه وتعالى، فليس للعبد مشيئة استقلالية؛ كما يقول بذلك المعتزلة.

فالعبد له مشيئة؛ ردًا على الجبرية، وليست مشيئة استقلالية؛ كما يقوله المعتزلة القدرية، بل هي مشيئة مربوطة بمشيئة الله جل وعلا، قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ [التكوير: 29].


الشرح