فإن كان مع العبد
روح أخرى، نسبتها إلى روحه كنسبة روحه إلى جسده، يستدعي بها إرادة الله من نفسه،
أن يفعل به ما يكون به العبد فاعلاً، وإلا فمحله غير قابل للعطاء، وليس معه إناء
يوضع فيه العطاء، فمن جاء بغير إناءٍ، رجع بالحرمان، فلا يلومن إلا نفسه.
والمقصود أنه صلى
الله عليه وسلم استعاذ من الهم والحزن، وهما قرينان، ومن العجز والكسل، وهما
قرينان، فإنَّ تخلُّفَ صلاحِ العبد وكمالِه عنه، إما أن يكون لعدم قدرته عليه، فهو
عجز، أو يكون قادرًا، لكن لا يريده، فهو كسل.
*****
كل هذا من ابن القيم
رحمه الله لبيان أنه لا بد من فعل الأسباب النافعة، وأن الإنسان لا يترك الأسباب،
ويعتمد على التوكل على الله؛ كما أنه لا يعتمد على التوكل على الله، ويترك
الأسباب، بل يجب على الإنسان أن يجمع بينهما؛ «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ»،
هذا فعل السبب، «وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» ([1])، هذا التوكل على
الله سبحانه وتعالى.
العبد يترك فعل
الطاعة لأحد أمرين:
الأمر الأول: إما لأنه عاجز؛ من
باب العجز البدني، وهذا يفوت عليه الشيء الكثير؛ فالله سبحانه وتعالى أعطاك القوة،
وأعطاك الأعضاء؛ من أجل أن تستعين بذلك على فعل ما ينفعك.
قارن بينك وبين العاجز، الذي به شلل، لا يستطيع الحركة، وأنت قد عافاك الله تعالى، وأعطاك القوة والقدرة، وأمكنك من الأفعال
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2664).