وينشأ عن هاتين
الصفتين فوات كل خير، وحصول كل شر، ومن ذلك الشر تعطيله عن النفع ببدنه، وهو
الجبنُ، وعن النفع بماله وهو البخل، ثم ينشأ له من ذلك غلبتان: غلبة بحق، وهي غلبة
الدين، وغلبة بباطل، وهي غلبة الرجال، وكل هذا ثمرة العجز والكسل. ومن هذا قوله
صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للذي قضي عليه، فقال: «حَسْبِيَ اللَّهُ
وَنِعْمَ الوَكِيلُ». قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ
عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ،
*****
النافعة، قارن بينك وبين العاجز الذي لا يستطيع؛
من أجل أن تشكر الله سبحانه وتعالى، ومن أجل أن تستعمل هذه القدرة وهذه القوة، ولا
تكسل.
الأمر الثاني: وإما أن يكون غير
عاجز في بدنه وحواسه وقواه، ولكنه كسلان؛ ولذلك استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم
من الأمرين: من العجز البدني، والكسل، الذي هو الخمول وعدم الرغبة في الخير.
الجبن: هو الخوف
الذي يحول بينك وبين فعل الأسباب؛ تخاف من أن يصيبك كذا، وتأتيك الوساوس. أو
البخل: يعطيك الله مالاً، لكن يصعب عليك الإنفاق منه، تخاف من نقصانه.
قوله: «غَلَبَةِ
الرِّجَالِ»؛ الرجال الذين يقهرونك مثل: قطاع الطرق، أو الصَّائِل الذي يهجم عليك
من الرجال، لا تستطيع مقاومتهم، إذا صاروا كثيرين، قد تقدر على الشخص الواحد، لكن
إذا صاروا رجالاً، لا تستطيع دفعهم، إذا سلطهم الله عليك.
قوله: «بِالْكَيْسِ»، وهو ضد العجز.