فَإِذَا غَلَبَ
أَمْرٌ، فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ» ([1]).
فهذا قالها بعد
عجزه عن الكيس الذي لو قام به، لقضي له على خصمه، فلو فعل الأسباب، ثم غلب،
فقالها، لوقعت موقعها.
كما أن إبراهيم
الخليل عليه السلام لما فعل الأسباب المأمور بها، ولم يعجز بترك شيءٍ منها، ثم
غلبه العدو، وألقوه في النار، قال: «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ» ([2])،
فوقعت الكلمة موقعها، فأثرت أثرها.
*****
قول: «حَسْبِيَ
اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ»، لا تجعلها أول شيء، وإنما تكون آخر شيء، إذا
عجزت، فإنك تقول: «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ». أما أنه
باستطاعتك وقدرتك على دفع الشر عنك، فادفع الشر.
إبراهيم عليه السلام
قصته مع قومه، وأنه ما فَتِئَ يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى، ويحذرهم، وينذرهم،
ويدفع شرهم، فلما أن تغلبوا عليه، ولم تكن له قدرة على دفعهم، لجأ إلى الله عز وجل،
فقال: «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ»، قالها وهو يهوي إلى النار
بالمنجنيق، قالها وهو بين السماء والأرض، ولم يكن بينه وبين النار إلا الشيء
القليل، فقال تعالى للنار: ﴿يَٰنَارُ كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69]،
الله جل وعلا أطفأ النار عن إبراهيم، وجعلها بردًا، ولم يقل تعالى: ﴿بَرۡدٗا﴾، بل قال: ﴿بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا﴾؛ لأن البرد منه ما يقتل.
قال تعالى: ﴿قُلۡنَا يَٰنَارُ كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69]. لم تضره النار؛ لأنه قال: «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ».
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3627)، وأحمد رقم (23983)، والبيهقي في «الشعب» رقم (1162).