وربما كان صلى
الله عليه وسلم يكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مرارًا؛ كما يفعله أهل الكرم ([1]).
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكل عند قوم، لم يخرج حتى يدعو لهم ([2]).
*****
كان من أخلاقه صلى
الله عليه وسلم أنه إذا قدم للناس طعامًا، يحثهم على الأكل؛ كما هي عادة الكرماء،
الذين يحبون أن يؤكل طعامهم.
في قصة اللبن الذي
أهدي له صلى الله عليه وسلم، ودعا إليه أهل الصُّفة، أرسل أبا هريرة أن يدعوهم،
فأمر أبا هريرة أن يسقيهم، حتى ارتووا، فظن أبو هريرة أنهم سيشربون اللبن،
ويتركونه، وهو محتاج، فلما فرغوا وقد شربوا كلهم وارتووا، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم لأبي هريرة: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
قَالَ: «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: «اشْرَبْ»
فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لاَ وَالَّذِي
بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: «فَأَرِنِي»
فَأَعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ.
فكان الرسول صلى
الله عليه وسلم آخر الناس، هذا دليل على أن صاحب الطعام يكرر عليهم، ويطلب منهم
الأكل؛ كما طلب صلى الله عليه وسلم من أبي هريرة عدة مرات أن يشرب.
هذا من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وهو من الآداب الإسلامية؛ أنك إذا أكلت طعامًا عند قوم، فإنك تدعو لهم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ
([1]) كما في الحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (5375).
([1]) كما في الحديث الذي أخرجه: مسلم رقم (2042).