فلينظر العبد لا
يكون من أهل هذه القسمة وهو لا يشعر، فإنه خلق ظلومًا جهولاً، وكيف يطلب الإنصاف
ممن وصفه الظلم والجهل؟ وكيف ينصف الخلق من لم ينصف الخالق؟.
*****
الله جل وعلا أخبر
أنه غني عن ذلك، قال تعالى: ﴿فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمۡ فَلَا يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ
لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمۡۗ﴾ [الأنعام: 136]،
المعنى أن الله عز وجل يتبرأ من ذلك؛ كما جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ عز وجل: أَنَا أَغْنَى
الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي
فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ» ([1]).
فالحاصل أنهم لا
يعدلون في حق الله عز وجل، يجورون في حق الله.
كما قال سبحانه
وتعالى في الأمانة: ﴿وَحَمَلَهَا
ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا﴾ [الأحزاب: 72].
فقوله: ﴿ظَلُومٗا﴾؛ أي: كثير الظلم، وقوله: ﴿جَهُولٗا﴾؛ أي: كثير الجهل.
وهذه صفات ذم في
الإنسان، إلا من نجاه الله من هذه الصفات، ولكن الأصل في الإنسان الظلم والجهل،
إلا من كمله الله سبحانه وتعالى.
وهو الإنسان، إذا
كان ظلومًا جهولاً، فإنه لن ينصف.
إذا أساء في حق الله، فإنه يسيء في حق الخلق من باب أولى.
([1]) أخرجه: مسلم بنحوه رقم (2985).