وقالت طائفة: إن
الحديثين على حالين، فإن جاء المدعو على الفور، لم يحتج للاستئذان، وإن تراخى
احتاج إليها.
وقال آخرون: إن
كان عند الداعي من قد أذن له قبل مجيء المدعو لم يحتج للاستئذان، وإلا استأذن.
*****
ومن ليس له بيت.
ذات مرة أهدي للنبي
صلى الله عليه وسلم لبن، فأمر أبا هريرة رضي الله عنه أن يدعو أهل الصفة، وكانوا
أكثر من سبعين.
أبو هريرة يقول:
ماذا يصنع بهم هذا اللبن، وكان أبو هريرة يرغب في أن يشرب من اللبن؛ لأنه جائع،
ولكن لا بد من تنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب ودعاهم، فجاؤوا،
واستأذنوا، وهذا هو محل الشاهد، مع أنهم مطلوبون ومدعون، إلا أنهم استأذنوا، فدل
على أن المطلوب والمرسل إليه يستأذن إذا جاء، هذا محل الشاهد.
فشربوا كلهم من هذا
الإناء، ورووا، ثم شرب أبو هريرة، حتى روي، ثم شرب النبي صلى الله عليه وسلم بعده،
كلهم رووا من هذا اللبن، الذي حلت فيه البركة، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم.
القول الأول: أنه يستأذن على كل
حال -ولو دعي-، إذا جاء وأجاب الدعوة، يستأذن، وهذا هو ظاهر الأدلة.
القول الثاني: منهم من فصل، فقال:
إن استجاب للدعوة فورًا، ولم يتأخر، لم يحتج إلى الاستئذان، وإن تأخر، فإنه يحتاج
إلى الاستئذان، ولعل أهل الصفة تأخروا، ولذلك استأذنوا، ولكن هذا احتمال لا دليل
عليه.
وهذا تفصيل آخر: وهو إن كان الداعي قد فتح الباب وعنده