ثم قال: «مَنْ يَهْدِ
اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ»؛ الهداية على قسمين:
النوع الأول: الهداية التي
بمعنى الإرشاد والدلالة، وهذه حاصلة لكل الناس -المؤمنين والكفار-، كلهم هداهم
الله، بمعنى أنه عز وجل أرشدهم وهداهم، وبين لهم، فلم يبق لهم حجة على الله، ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ﴾ [فصلت: 17]؛ أي:
بينا لهم طريق الخير، ودللناهم عليه.
النوع الثاني: هداية التوفيق
والثبات، وهذه لا تحصل إلا لأهل الإيمان، وأما الكفار، فهم محرومون منها؛ ولهذا
قال: «مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ
لَهُ».
ومن آثر الباطل على
الحق، ولم يقبل الحق، فإن الله يضله؛ عقوبة له؛ لأنه لا يريد الحق، ولما لم يرد
الحق، عاقبه الله جل وعلا بالحرمان منه، وأضله، وإذا أضله الله، فليس هناك أحدٌ
يهديه أبدًا، وإذا هداه الله، فليس هناك أحد يضله؛ لأن الله يثبته، ويوفقه، فلا
أحد يضله من شياطين الإنس والجن، فالأمر كله راجع إلى الله.
وفي قوله: «مَنْ
يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ» ثناء
على الله جل وعلا بمعنى السؤال، دعاء عبادة، وهو دعاء متضمن لدعاء المسألة؛ تسأل
الله الهداية، وتعوذ به من الضلالة.
وكذلك قراءة الآيات
الأولى من سورة آل عمران: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ
وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
قوله: ﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾؛ أي: اتقوا غضبه وعقابه، اتخذوا وقاية من