وكان صلى الله
عليه وسلم يدعو لمن تقرب إليه بما يحب، فلما وضع له ابن عباس وضوءه قال:
«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ([1]).
*****
وليتميز هذا من هذا،
فهو سبحانه وتعالى خلق المتضادات: الخير والشر، الطيب والخبيث، المحبوب والمكروه،
كله خلق الله، وكله بحكمة، وكله قدَّره الله، فيُحمد على كل حال سبحانه وتعالى؛
يُحمد على الخير، هذا ليس فيه إشكال، لكن كيف يحمد على ما فيه الشر؟ لأن هذا فيه
مصلحة، وليتميز الخير من الشر، وينحاز أهل الخير وأهل الشر؛ من أجل أن يعرف هذا
وهذا، ولله عز وجل حكمة في هذا.
كان من هديه صلى
الله عليه وسلم من أحسن إليه، دعا إليه؛ كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: «...وَمَنْ
صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا
تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ»
([2])، فيدعو لمن أحسن
إليه، ومن ذلك دعاؤه لابن عباس، لما قرب له وضوءه وخدمه، دعا له صلى الله عليه
وسلم بهذا الدعاء العظيم، الذي ظهر أثره على ابن عباس، قال: «اللَّهُمَّ
فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ».
فقوله: «وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»؛ أي: تفسير القرآن، فكان رضي الله عنهما آية في الفنين - فن الفقه، وفن التفسير - ببركة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى إنه رضي الله عنهما لُقِّبَ بحبر الأمة، وترجمان القرآن ببركة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، والسبب في هذا هو أنه قرب إليه ماء الوضوء، من الممكن أن يكون السبب يسيرًا، لكن الذي نشأ عنه شيء كثير.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (75)، ومسلم رقم (2477) بنحوه.