وكما أن الإيمان
فرض على كل أحدٍ، ففرض عليه هجرتان في كل وقت: هجرة إلى الله عز وجل بالإخلاص،
*****
عند ذلك ندم المسلمون، السرية ندمت، وظنت بذلك
أن أعمالهم قد حبطت، وأنهم هلكوا، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية، قال تعالى:
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ يَرۡجُونَ
رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [البقرة: 218]،
فالله عز وجل أذهب عندهم الخوف، وما أصابهم من الهم والحزن، فرج الله عنهم، وقال:
أنتم مهاجرون ومجاهدون، وقبل ذلك أنتم مؤمنون، فأنتم ترجون رحمة الله، ففرج الله
عنهم.
الهجرة تنقسم إلى:
الهجرة الأولى: تكون بالبدن، وذلك
من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام؛ فرارًا بالدين، وتكون هذه متى أمكنت، فمن لم يستطع،
فقد عذره الله.
الهجرة الثانية: الهجرة بالقلب،
هذه تكون دائمًا وأبدًا، ولا يعذر أحد في تركها، الهجرة إلى الله جل وعلا بالعبادة
والإخلاص، والهجرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالاقتداء والاتباع، هاتان
هجرتان لا يعذر أحد فيهما.
قوله: «هجرتان في كل
وقت» في كل وقت، وأما الهجرة بالبدن هذه، فليست في كل وقت، وإنما عند
الاستطاعة.
هجرة إلى الله بالإخلاص: تهاجر من الشرك إلى التوحيد، قال تعالى: ﴿وَٱلرُّجۡزَ﴾؛ أي: الأصنام، ﴿فَٱهۡجُرۡ﴾ [المدثر: 5]،