×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

فلما صبروا مكنهم، فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة، فأعقلهم من باع ألمًا مستمرًّا بألم منقطع،

*****

والله سبحانه وتعالى قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ [الأحقاف: 35].

وقال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِينَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَيۡهِۚ ٱللَّهُ يَجۡتَبِيٓ إِلَيۡهِ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَن يُنِيبُ [الشورى: 13]. هذه هي الآية الثانية في ذكر أولي العزم من الرسل.

قوله: «فلما صبروا مكنهم»؛ أي: لما صبر أولو العزم، مكنهم الله ونصرهم، وجعل العاقبة لهم.

لا يتصور أحد أنه لن يحصل عليه امتحان في هذه الدنيا، فلا بد له من أن يمتحن، وكلما ازداد إيمانه، زاد امتحانه، ولهذا يقال: «أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ» ([1])، و«يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ» ([2]).

وقوله: «فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة»؛ أي: في هذه الدنيا.

باع الأذى المستمر بألم منقطع، المبيع هو الألم المستمر، والثمن هو الألم المنقطع، هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم؛ أنهم اشتروا النعيم المستمر بالألم المنقطع، وأعداء الرسل بالعكس؛ اشتروا النعيم المنقطع بالألم المستمر.


الشرح

([1] أخرجه: النسائي في «الكبرى» رقم (7440)، والبزار في «مسنده» رقم (1150).

([2] أخرجه: الترمذي رقم (2398)، وابن ماجه رقم (4023)، والدارمي رقم (2825).