×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

ومن تأمل أحوال العالم رأى هذا كثيرًا، فيمن يعين الرؤساء وأهل البدع هربًا من عقوبتهم،

*****

 فكتبت له بهذا الحديث: «مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رضي الله عنه وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ»، وأرسلت له هذا الحديث. هذه هي السياسة الشرعية.

ولذلك كانت سياسة معاوية رضي الله عنه سياسة عظيمة، جاء والناس في حرب وفي شرور وفتن وخوف، فأطفأ الله عز وجل به الفتنة، وساد الناس، وارتاح الناس، واستتب الأمن في خلافته رضي الله عنه؛ بها أعطاه الله سبحانه من الحنكة والحكمة والرفق.

قوله: «رأى هذا كثيرًا»؛ أي: رأى معنى حديث عائشة رضي الله عنها كثيرًا؛ فإن من أرضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس؛ لأن قلوب الناس بيد الله، ونواصي العباد بيد الله سبحانه وتعالى، والعكس: مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ رضي الله عنه وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ، حتى لو عاداه أحد، فإنه في النهاية سيرضى عنه.

الذي يداهن الرؤساء وأهل البدع على حساب دينه تكون عاقبته سيئة، وسيسلطهم الله عز وجل عليه، هو يريد أن يرضيهم ويسلطهم الله عليه، وأما من أرضى الله - وإن سخط عليه الرؤساء وأصحاب الشهوات-، فإن الله يرضى عنه، ويرضي عنه الناس؛ لأن القلوب بيد الله: ﴿مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذُۢ بِنَاصِيَتِهَآۚ [هود: 56]، ولكن هذا يحتاج إلى إيمان صادق، وتوكل على الله.


الشرح