فالجهاد يحتاج إلى
صبر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى صبر، وجهاد النفس، جهاد الشيطان،
جهاد المنافقين كل هذا يحتاج إلى صبر وثبات.
والحكمة أن الله عز
وجل شرع الجهاد من أجل أن يبتلي المؤمنين الصادقين، الذين يجاهدون في سبيله؛ حتى
يميزهم من الذين يؤثرون الراحة، ويؤثرون شهواتهم، والله جل وعلا قادر على أن ينتقم
من الكفار، وأن يهلكهم، ولكنه -سبحانه - أراد أن يكون ذلك على أيدي المؤمنين،
بالجهاد في سبيل الله: ﴿ذَٰلِكَۖ
وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم
بِبَعۡضٖۗ﴾ [محمد: 4]، فالله سبحانه وتعالى قادر على أن ينتصر منه،
ولكنه أراد أن يكون ذلك على أيدي المؤمنين، والمصلحة للمؤمنين في ذلك، وإن كان
عليهم المشقة، فإنهم يصبرون على ذلك.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُواْ فِي ٱبۡتِغَآءِ
ٱلۡقَوۡمِۖ إِن تَكُونُواْ تَأۡلَمُونَ فَإِنَّهُمۡ يَأۡلَمُونَ كَمَا
تَأۡلَمُونَۖ وَتَرۡجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرۡجُونَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ
عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 104]، هذا من ناحية.
والناحية الثانية: أن المؤمن إذا دخل في الإيمان، سيعاديه أهل الكفر، وأهل الشرك، وأهل النفاق، وأهل الشهوات سيعادونه أشد العداوة، ويشقون عليه، ويهددونه، ويمتحنونه، وسيعرضون عليه المغريات؛ لينصرف عن دينه، أو ليترك دينه، سيأتونه بالترهيب ويأتونه بالترغيب، فهذا يحتاج إلى صبر.