في مطلع هذه السورة
- سورة العنكبوت - هذه كلها للجهاد، السورة هذه كلها في ذكر الجهاد، ولهذا ختمها
الله تعالى بقوله: ﴿وَٱلَّذِينَ
جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ
ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69].
فالله جل وعلا قال: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن
يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ﴾ [العنكبوت: 2].
من هذا الذي يقول: ﴿ءَامَنَّا﴾ ؟ منهم من يقوله
صادقًا، ومنهم من يقوله لغرض من الأغراض، ليس عنده صدق، وإنما يقول هذا الغرض من
الأغراض، ولا يريد وجه الله.
قوله: ﴿وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ﴾؛ أي: يختبرون،
يبتلون؛ من أجل أن يظهر الصادق من المنافق، لا يظهر النفاق، ولا يظهر الشر من
المعادين إلا بالابتلاء والامتحان، وإلا لو كانت الدنيا كلها رغدًا، لم يتبين
الصادق من الكاذب.
فالله جل وعلا أولاً
بحكمته يجري الامتحان على الذين قالوا: ﴿ءَامَنَّا﴾ هل هم صادقون أم ليسوا بصادقين؟
قوله: ﴿وَلَقَدۡ فَتَنَّا
ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ﴾ [العنكبوت: 3]؛ أي: من الأمم السابقة، وهذه سنة الله جل
وعلا من قديم الزمان، لا تتبدل ولا تتغير.
وقوله: ﴿فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ
ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 3]،
الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء، يعلم ما كان، وما يكون، ولكنه سبحانه أراد أن
يظهر ذلك منهم، يظهر الصدق، ويظهر الكذب.
وهذا العلم يسمونه علم الظهور، وإلا فإن الله يعلم -سبحانه-،