×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

فإنهم عذبوا في الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهم وهم يعذبون

يقول: «صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» ([1]).

ومنهم: بلال رضي الله عنه، فإنه عذب في الله أشد العذاب، هان عليهم، وهانت عليه نفسه في الله، وكان كلما اشتد به العذاب يقول: أَحَدٌ أَحَدٌ، فَيَمُرُّ بِهِ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، فيقول: إِي وَاللَّهِ يَا بِلاَلُ، أَحَدٌ أَحَدٌ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ، لَأَتَّخِذَنَّهُ حَنَانًا ([2]).

ولما اشتد أذاهم على المؤمنين، وفتن منهم من فتن، أذن الله -سبحانه - لهم في الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة،

*****

كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقدر على نصرتهم، ولكنه كان يثبتهم بالكلام، يقول لهم: «صَبْرًا»؛ أي: ليس لكم إلا الصبر، اصبروا، وموعدكم الجنة، فإذا ذكروا أن موعدهم الجنة، صبروا.

بلال الحبشي رضي الله عنه كان مملوكًا، وكانوا يعذبونه أشد العذاب.

لما اشتد أذاهم، وتعاظم أذاهم على ضعفاء المسلمين، وكان صلى الله عليه وسلم لا يقدر على حمايتهم، أذن لهم في الهجرة إلى بلاد الحبشة، وهي بلاد نصرانية، بلاد كفر، ولكن ملكها ملك عادل -وهو النجاشي- لا يظلم أحد عنده، فأمرهم صلى الله عليه وسلم بالهجرة إليه؛ فرارًا بدينهم.


الشرح

([1] أخرجه: الحاكم رقم (5646)، والبيهقي في «الشعب» رقم (1515).

([2] ذكره ابن إسحاق في سيرته (1/190)، وابن هشام في سيرته (1/318).