ولما قال لها:
«لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، قَالَتْ: أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ
اللَّهُ أَبَدًا ([1]). ثم
استدلت بما فيه صلى الله عليه وسلم من الصفات على أن من كان كذلك، لم يخزه الله
أبدًا. فعلمت بفطرتها وكمال عقلها أن الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة تناسب
كرامة الله وإحسانه، لا تناسب الخزي.
وبهذا العقل
استحقت الصديقة رضي الله عنها أن يرسل إليها ربها السلام منه مع رسوليه جبريل
ومحمدٍ -عليهما الصلاة والسلام- ([2]).
*****
حينما جاءها صلى
الله عليه وسلم أول وهلة من لقاء الملك، وبادره بشيء لم يعهده، خاف على نفسه صلى
الله عليه وسلم؛ لأن الموقف هائل، وليس بسهل، فقال لها: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى
نَفْسِي»، فطمأنته.
بهذا الموقف العظيم
مع الرسول صلى الله عليه وسلم من أول وهلة، وبهذا الثبات، سلم الله عليها بواسطة
جبريل عليه السلام، وبواسطة محمد صلى الله عليه وسلم، بلغاها أن الله يسلم عليها،
وهل فوق هذا كرامة؟ ليس فوق هذا كرامة؛ أن الله جل وعلا يسلم عليها، يُقْرِئُهَا
السلام، وهذا جزاء المحسنين.
وفي هذا الوقت يـأتي حثالة من الرجال والنساء، ويكوِّنون لهم مؤتمرًا أو منتدى، يسمونه منتدى خديجة بنت خويلد، فيه السفور، وفيه قلة الحياء، وفيه المبارزة بإخراج النساء على أحكام الشريعة والتمرد عليها، ويقولون: إن هذا منتدى خديجة. فهم أهانوها ودنسوا
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3)، ومسلم رقم (160).