وجاء أبوه وعمه
في فدائه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلاَّ غير ذلك، فأخيره، فإن
اختاركم، فهو لكم، وإن اختارني، فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدًا».
قالا: قد رددتنا على النصف، وأحسنت، فدعاهُ، فخيره، فقال: ما أنا بالذي أختارُ
عليك أحدًا، قالا: ويحك يا زيد! أتختارُ العبودية على الحرية وعلى أهل بيتك؟! قال:
نعم، لقد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختارُ عليه أحدًا أبدًا. فلما رأى
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه إلى الحجر، فقال: «أشهدكم أن زيدًا ابني،
يرثني وأرثه»،
*****
هذا هو عين الإنصاف؛
رد الأمر إليه، قال الله صلى الله عليه وسلم: «فإن اختاركم فهو لكم»؛ أي:
يسلمه لهم، وإن اختار الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم من
كرم أخلاقه ووفائه لا يسلم من اختاره.
اختار الرسول صلى
الله عليه وسلم على أبيه وعمه وقبيلته، وعلى الحرية؛ لأنه رأى من الرسول صلى الله
عليه وسلم شيئًا علق قلبه به صلى الله عليه وسلم، وأحبه.
قال له أبوه وعمه:
ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية؟!
رأى من أخلاق رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما حببه إليه، وعلقه به، فكان لا يصبر على مفارقته، وكان
ذلك سببًا في سعادته في الدنيا والآخرة، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، حتى
قيل عنه: هو حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان من عاداتهم في الجاهلية أنهم يتبنون الأشخاص، وإن لم يكونوا من ذريتهم.