×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم، فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، فحمى الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأبي طالبٍ؛ لأنه كان شريفًا معظمًا فيهم.

وكان من حكمة أحكم الحاكمين بقاؤه على دين قومه؛ لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها.

*****

لما دخلت الدعوة في طور آخر؛ إذ لا يكفي الدعوة إلى الإسلام فقط، لا بد من إنكار الشرك، وإلا يقال: إن كل الأديان سواء، وكل يبقى على دينه، لكم دينكم ولنا ديننا، هذا لا يكفي، ولا ترتفع به راية الإسلام وراية التوحيد، لا بد من إنكار الشرك والرد على المشركين.

فلما أن دخلت الدعوة في هذه المرحلة، حينئذ اشتد أذاهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن آمن به، وصاروا يعذبون المستضعفين؛ كبلال، وعمار بن ياسر، وأبيه، وأمه، يعذبونهم في الله.

كان أبو طالب بن عبد المطلب معظمًا في قريش؛ تهابه وتجله، فالله جل وعلا سخره لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحمايته منهم، وهذا من لطف الله سبحانه وتعالى؛ أنه ييسر لأهل الخير ولأهل الصدق ييسر لهم الفرج، فكانوا لا يتمكنون من أذية الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب أبي طالب، مع أنه كافر لم يسلم، وهذا من حكمة الله عز وجل؛ لأنه لو أسلم، لقالوا للناس: هذا مسلم، ويدافع عنه، ولكنه مع أنه كافر كان يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

أبو طالب: هو أبو طالب بن عبد المطلب، عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

كون أبي طالب يناصر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو كافر، هذا فيه حكمة إلهية عظيمة لمن تدبرها.


الشرح