ولكن ينبغي أن
يعلم الفرق بين أن يقال: كان الإسراء منامًا، وبين ذلك، وبينهما فرق عظيم، وهما
رضي الله عنهما لم يقولا: إن الإسراء كان منامًا،
*****
والمعراج، وآمنوا
به، لكن جمهورهم على أنه كان بروحه وبدنه صلى الله عليه وسلم؛ أنه حمل من مكة
بروحه وبدنه، ووصل إلى بيت المقدس، وعرج به إلى السماء بروحه وبدنه، هذا هو الذي
عليه جمهور العلماء.
ومن العلماء من
يقول: إن الإسراء والمعراج كان بروحه يقظة، ليس منامًا أو رؤيا؛ أي: فارقت روحه
جسده في مكة، بقي جسده في مكة، وأخذت روحه، وذهب بها إلى بيت المقدس، وعرج بها إلى
السماء، هذا قول لبعض العلماء.
لكن الجمهور على أن
الإسراء والمعراج كان بروحه وبدنه؛ لأن الله سبحانه تعالى قال: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ
أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ﴾ [الإسراء: 1]، والعبد اسم للروح والبدن، فالروح لا تسمى
عبدًا، وكذلك البدن وحده لا يسمى عبدًا، وإنما العبد هو مجموع الروح البدن.
الرؤيا تحصل للرسل
ولغيرهم، وأما الإسراء بالروح يقظة دون البدن، فهذه لا تحصل إلا للرسل؛ معجزة لهم.
عائشة ومعاوية رضي
الله عنهما لم يقولا: إن الإسراء كان منامًا، ولكنهما قالا -إن ثبت هذا عنهما-
قالا عن الإسراء: «كان بروحه، وبدنه في مكة».
ولا شك أن الروح تفارق البدن، تفارقه وترجع إليه، وهذا من عجائب الروح، فالروح لها عجائب لا يعلمها إلا الله عز وجل، تفارق البدن