×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

ثم إن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة، فخافت قريش؛ إن لحق الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه، ودخل المدينة عند الأوس والخزرج، وهم أهل بأس وأهل قوة، خافوا أن يناصروا الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم، ويحصل ما يخافون منه، فاجتمعوا يتشاورون في ماذا يصنعون بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يلحق بقومه، يتشاورون في دار الندوة، وكانت دارًا تقع في شمال الكعبة، قريبة من المطاف، اجتمعوا فيها يتشاورون: ماذا يصنعون بمحمد؛ كي لا يلحق بقومه؟

بعضهم قال: يسجن حتى يموت. وبعضهم قال: يطرد من البلد، ولا يجد أحدًا. وبعضهم قال: يقتل. فهذا الذي اجتمع رأيهم عليه، وهو أن يقتل، لكن كيف ينفذون القتل، وقريش وراءهم ستثأر وتنتقم لمحمد ممن يقتله؟ هكذا كانت حال العرب في الجاهلية، يحمون من ينتسب إليهم، ولا يتركونه يقتل، وإن كانوا أعداءً، وإن كانوا كفارًا؛ لأن هذا من العار أن يقتل واحد منهم، ويتركونه، فاجتمع رأيهم على قتله، لكن كيف ينفذون هذا؟

وأشار عليهم أبو جهل أن يختاروا من كل قبيلة رجلاً جلدًا، معه سيف صارم، وأن يترصدوا له عند الخروج من بيته، فإذا خرج، ضربوه ضربة رجل واحد، فيتفرق دمه بين القبائل، فلا تقدر قريش على الثأر من القبائل كلها، فحينئذ تقبل الدية.

وكان قد حضرهم الشيطان في صورة شيخ كبير، حضرهم فصوب رأي أبي جهل، وفند الآراء الأخرى، فاجتمعوا عند باب الرسول صلى الله عليه وسلم


الشرح