×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

ذهبا إلى غار ثور ليلاً، اختفيا فيه، وجاءت العنكبوت ونسجت على باب الغار، وكان عامر بن فهَيرَة غلام أبي بكر رضي الله عنه يأتي بالغنم، يسرح بالغنم، ويمر من عند الغار؛ كأنه يريد الرعي، فيسقيهما من لبنها، ويذهب، والغنم تخفي الأثر، كأن لم يمر بالغار أحد إلا أثر الغنم.

وكان عامر بن فهَيرَة -أيضًا - يتسمع الأخبار من مكة، ويأتي بها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: ماذا يصنعون؟ وماذا يكيدون؟ فيخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، والغنم لأبي بكر، والغلام لأبي بكر رضي الله عنه، والرواحل لأبي بكر رضي الله عنه، والصحبة لأبي بكر رضي الله عنه، انظروا إلى عمل أبي بكر رضي الله عنه مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: ﴿وَإِذۡ يَمۡكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثۡبِتُوكَ أَوۡ يَقۡتُلُوكَ أَوۡ يُخۡرِجُوكَۚ وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ[الأنفال: 30]، فقوله: ﴿لِيُثۡبِتُوكَ؛ أي: يسجنونك.

وقال سبحانه وتعالى: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40].

وذلك لأن قريشًا انبثت في أرجاء مكة وفي الطرقات، يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يلحق بقومه في المدينة، لما عرفوا أنهم باتوا يحرسون عليًّا، وينتظرون عليَّا، وأن الرسول خرج من بينهم، وفشلت خطتهم، صاروا يطلبونه، حتى أتوا على الغار،


الشرح