فَقُلْنَا:
حَتَّى مَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ،
فَرَحَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ فَوَاعَدْنَاهُ بَيْعَةَ
الْعَقَبَةِ.
فَقَالَ لَهُ
الْعَبَّاسُ رضي الله عنه: لاَ أَدْرِي مَا هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ، إِنِّي ذُو
مَعْرِفَةٍ بِأَهْلِ يَثْرِبَ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ.
فَلَمَّا نَظَرَ
الْعَبَّاسُ فِي وُجُوهِنَا قَالَ: هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَ نَعْرِفُهُمْ، هَؤُلاَءِ
أَحْدَاثٌ.، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى مَا نُبَايِعُكَ؟ قَالَ:
«عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ، وَالْكَسَلِ وَعَلَى النَّفَقَةِ
فِي الْعُسْرِ، وَالْيُسْرِ وَعَلَى الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ
الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لاَ تَأْخُذْكُمْ فِيهِ لَوْمَةُ
لاَئِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ إِلَيْكُمْ، وَتَمْنَعُونِي
مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ،
وَلَكُمُ الْجَنَّةُ».
فَقُمْنَا
نُبَايِعُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ:
رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ
الْمَطِيِّ إِلاَّ وَنَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ
الْيَوْمَ مُفَارَقُةُ الْعَرَبِ كَافَّةً،
*****
وكان العباس رضي
الله عنه على دين قومه، ولكنه كان يحنو على رسول الله صل الله عليه وسلم؛ لأنه ابن
أخيه، يريد أن يتوثق له من هؤلاء القوم: هل هم أهل صدق أم لا؟
قوله: «هَؤُلاَءِ
أَحْدَاثٌ»؛ أي: صغار.
هذا الذي بايعوا
عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه بنود البيعة.
يقول لهم أسعد بن زرارة: إن المسألة ليست سهلة؛ إذا خرج إليكم، ستعاديكم العرب كلها، فهل أنتم على استعداد لحمايته ومقاومة